يستوقفني كثيرًا أعمار بعض الشخصيات العظيمة التي رحلت عن الدنيا باكرًا " في أعمارٍ صغيرة " وأقف أتأمل كيف تركوا ذكرهم إلى يرث الأرض ومن عليها؟! وكيف ذهبوا إلى قبورهم بنجاحات جبارة؟! ورصيد من الأعمال يبهرك ويدهشك..
الصحابي الجليل " معاذ بن جبل " - رضي الله عنه - إمام علماء هذه الأمة، ومن أخبرنا النبي عنه بأنه أعلم الناس بالحلال والحرام، مات وهو في الثلاثينات من عمره فقط!
" وسيبويه " إمام النحاة، ذلكما النحوي الشهير مات في عمر " ٣٣ " عامًا فقط ، وغير بعيد عن اللغة العربية الشاعر الجميل، الملقب بشاعر الخضراء، نسبةً لتونس الخضراء " أبو القاسم الشابي " مات وهو في سن " ٢٥ " سنة فقط!
وفي الفن أيضًا فأننا نجد بأن الموسيقي والعازف العملاق النمساوي الجنسية " موتسارت " توفي في عمر ال " ٣٥ " عامًا فقط!
وحتى بالنسبة لحكام الدول ومن خلدوا ذكرهم الطيب في صفحات التاريخ، لكم ان تعلموا أن " عمر بن عبدالعزيز " رحمه اللّه الذي سجلت في عهده أقل نسبة فقر في تاريخ الإنسانية بنسبة ٠٪ ، والذي ملء أرض حكمه عدلًا مثل جده لأمه الفاروق- رضي اللّه عنه- حتى أنه يحكى أن الذئب في عهده كان يرعى مع الغنم، وذات يوم انقض الذئب على القطيع، فقال الراعي: لقد حصل شيء لأمير المؤمنين، وبالفعل كان ذلك اليوم يوم وفاته! توفي وهو في ما يقارب من الأربعين عامًا، وما يدعوك للدهشة أكثر أن كل فترة حكمه كانت عامين ونصف فقط!
ثمّ أقف متسائلًا أي بركةً في الأعمار كانوا يملكون؟! وأي معرفة لأهمية الوقت كانوا يدركون؟! فالوقت هو أغلى شيء في هذه الحياة ، وأي سعيًا لطلب العلم والعمل كانوا يجتهدون؟!
وأي أدراكًا لحقيقة الدنيا كانوا يعلمون؟! فهم حققوا أهدافهم قبل أن يباغتهم الموت فجأةً، وأوصلوا لنا رسالتهم على عجالة، وما قالوا إن العمر لا زال أمامهم، وأن السنين طوال، وما يهلكنا إلا الدهر!
فليس مهمًا كم ستعيش، وليس مهمًا متى يحين أجلك، المهم عمرك فيما أفنيته، ووقتك فيما أمضيته، ويومك فيما قضيته، وسنينك فيما صنعته .
ناصر بامندود