لا أسوأ حالاً ، ولا أحط قدراً من السياسة التي تختلط بغطرسة الحسب والنسب ، وبجمود الأيديولوجيا وأدوات الكراهية التي تصنعها ، وفساد التسلط ، وعصبية القبيلة ، وتراجع الاندماج الاجتماعي ، ومراوغة المثقف ، ونرجسية الباحثين عن بطولات ، وتراجع القادرين على انتاج معادلات وطنية ، وتوسط الخارج ، وتجويع الشعب .. وفوق هذا الحشد من الأوجاع ، سلاح منفلت .
الله يعين كل ضمير يعمل على إخراج هذا البلد من الكارثة ؛ سيتصدى له كل هذا الجمع من الرذائل التي تكدست كبرهان على أن الحرب في اليمن تفرز روائحها الكريهة ، وهي بالطبع نتائج العقود الطويلة من الإحباطات وتوظيف القوة والمؤامرات والاستقطابات الغلط .
الخروج من المأزق لن يكون إلا بواسطة البحث في الأسباب التي أدت إلى تمكين هذه الرذائل من إفساد السياسة ، ومعها الحياة ، في بلد الحكمة .
للوصول الى ذلك لا بد من حسم معركتين :
-معركة مع النفس ، وهي أهم وأخطر المعارك .. وهي لا تحتاج الى دماء ، أو عداوات ، أو فرز مناطقي ، أو صناعة بطولات خائبة ، وإنما إلى إرادات تتجاوز كل مطبات هذه الرذائل .. وهي تحتاج الى قيادات سياسية حزبية وحكومية ومجتمعية وميدانية بمستوى التحديات ، قيادات كبيرة لا تصغر أمام الصغائر ،ولا تغرق في شبر ماء ؛ تذهب بقرارها الى المدى الذي تلتحم فيه مع التحديات الكبرى التي تقرر مصير البلد على نحو مطلق .
-معركة من أجل الوطن وهي التي من الممكن أن يكون للدم فيها معنى يليق به ، حينما يتعرض الوطن وتاريخه وثقافته وهويته للمصادرة من قبل جماعة طائفية ترى ذلها في أن تكون جزءاً منه .
وهي المعركة التي سيتقرر معها مستقبل هذا البلد بعيداً عما علق بسياسته من عجين فاسد .