نيمار

نيمار.. موهبة صقلها الفقر ودمرها المال

Wednesday 18 June 2025 7:44 am
نيمار.. موهبة صقلها الفقر ودمرها المال
يمني سبورت
----------

أ.د مهدي دبان

وُلد نيمار دا سيلفا في أحد أحياء البؤس في مدينة ساو باولو البرازيلية، حيث كانت الحياة قاسية، والفرص شبه معدومة. نشأ في كنف عائلة فقيرة، واضطر في طفولته إلى مشاركة الغرفة مع أسرته في بيت صغير بالكاد يكفيهم، لكنه كان يملك شيئًا ثمينًا لا يُشترى بالمال: الموهبة الفطرية في لعب كرة القدم. كان يراوغ الكرة في الأزقة الترابية ويُبهر كل من يراه، حتى بدأت الأندية تلتفت إليه، وتضع عليه آمالًا كبيرة.

بزغ نجم نيمار سريعًا في نادي سانتوس، وبدأ العالم يتحدث عن "الولد المعجزة" الذي يُعيد إلى الأذهان أساطير البرازيل القديمة. بعمر صغير، صار رمزا للأمل في بلد يعشق كرة القدم، وسرعان ما تحول إلى ظاهرة إعلامية وجماهيرية. مهاراته، وسرعته، ولمساته الساحرة جذبت أنظار أوروبا، ليصبح محط صراع بين كبار الأندية، حتى انتقل إلى برشلونة في صفقة ضخمة، حيث شكّل ثلاثيًا ناريًا مع ميسي وسواريز.

في برشلونة، عاش نيمار أزهى فتراته الكروية. حقق البطولات الكبرى، وأثبت أنه أكثر من مجرد لاعب مهاري، بل نجم قادر على الحسم في أهم اللحظات. لكن شيئًا ما تغيّر. طموحه لم يعد مرتبطًا فقط بالمجد الرياضي، بل بدأ المال يلعب دور البطولة في اختياراته، فاختار الرحيل إلى باريس سان جيرمان، في صفقة قياسية اعتبرت حينها "الصفقة التي غيّرت كرة القدم".

المال الذي ظن أنه سيزيده بريقا، كان بداية انحداره. في باريس، وجد نيمار نفسه في دوري أقل تنافسية، وانشغل أكثر بالحفلات والظهور الإعلامي والنزاعات مع النادي. الإصابات توالت، والمستوى تراجع،توجه للسعودية ومن ثم عاد إدراجه إلى شواطئ ريودي جانيرو .. ذهب خالص وموهبة قتلها الطريق الخاطئ والقرارات المبنية على تحقيق المال حتى حلمه بقيادة البرازيل لكأس العالم بقي حلما مؤجلًا وربما بعيد المنال... من نجم عالمي إلى لاعب مثير للجدل، بدا أن نيمار فقد بوصلته وفقد البريق ...

هكذا كانت قصة نيمار: طفل فقير صنع من الموهبة جسرا إلى النجومية، لكنه حين وطأ عالم الثراء، ضاعت ملامحه الأصلية. المال لم يدمر موهبته فحسب، بل شوه صورته كلاعب كان يمكن أن يكون أسطورة مكتملة، لو أنه بقي وفياً لطفل الحي البسيط الذي لعب الكرة بشغف، لا بشيك.