ما اعرفه عن الفشل الكلوي انه مرض له نصيب من عباد الله في كل الارض، وبه يموت عدد لا بأس به من الناس، وهو داء ليس بالوباء حتى يقال انه ينتشر في بلد ويتم منعه عن بلد اخرى، لكن يمكن تقليل انتشاره بالتزام شروط الوقاية الصحية الخاصة بالكلى، والتخفيف من آلامه بتوفير وسائل العلاج والعناية بالمرضى بشكل ميسر يكون فيه العلاج متاح لكل المرضى في الوقت والزمان المناسبين.
امس الاول لفت نظري اعلان نشرته مسؤولة مركز الغسيل الكلوي بمستشفى الجمهورية (عدن) نبيهة باماجد، زميلتي السابقة في ثانوية 10 سبتمبر ، عن مؤتمر صحفي سيعقده الصليب الاحمر في العاصمة عدن صباح الاربعاء للتعريف بالحالة الخطرة التي تعاني منها مراكز الغسيل الكلوي وقد اصبحت على شفير الهاوية بحسب التعبير المستخدم في لوحة التعريف بالمؤتمر، فقررت الحضور تعاطفا مع الامراض ودعما للمراكز التي تهتم بعلاجهم ثم بدافع الفضول الصحفي لمعرفة ما هو الجديد الذي سيقوله الصليب الاحمر عن المشكلة الخطرة التي تهدد حياة عدد من المواطنين المرضى وغيرهم المهددون بالمرض، ربما نكون منهم، نسال الله السلامة للجميع.
وبعيدا عن تأخير بدء المؤتمر الناتج عن تأخير مدير مكتب الصحة بعدن الذي لم نجد له تبرير، يمكنني القول ان حال مراكز الفشل الكلوي يحاكي حال الخدمات الصحية اليمنية بشكل عام، المعاناة حاضرة والاهتمام غائب، اما حياة الناس ففي مهب الاهمال والتقصير الحكومي الذي يقابله جشع واضح للقطاع الخاص.
وحتى لا يزعل المدير، يجب القول ان تشخيصه للحالة كان الاوضح والادق والاكثر شجاعة، وهو يطالب بقرار سياسي ينتصر لمراكز الغسيل الكلوي، بالعمل على تحديثها وتطويرها وزيادة عددها في المحافظات وقبل ذلك توفير اعتمادات التشغيل ومحاليل الغسيل للعام 2019م لأنها اي المراكز مهددة بالتوقف بعد نهاية عامنا هذا الذي تعهد الصليب الاحمر فيه بتوفير المحاليل، وبحسب المدير فان المكتب ليس لديه اي ميزانية لمواجهة احتياجات العام المقبل حتى الان.
المدير الذي اظهر احتراما واضحا للتعليم واصر على المغادرة مبكرا للحاق بموعد محاضرة ملتزم بها لطلابه في كلية الطب، اعترف بالتقصير نحو مرضى الفشل الكلوي، لكنه التقصير المبرر بنقص الامكانيات وغياب الادوات وقل الكادر وضعف تأهيله، وهي مبررات ربما تجد كل التعاطف عند غير المرضى، لكنه التعاطف الذي لا يعفي المراكز عن مواصلة دورها الانساني (المفترض) في معالجة المرضى بحسب قدراتها وامكانياتها.
الفشل الكلوي مأساة اصابت عدد لا بأس به من المواطنين الذين اصبح استمرار حياتهم مرهون بعمل آلة الغسيل وبإنسانية العامل الذي يعمل عليها، ويظل الامل بالله ثم بتعاون المنظمات الانسانية وعلى راسها مركز المركز سلمان والهلال الاحمر الاماراتي ومنظمة الصليب الاحمر الدولي والصحة العالمية واطباء بلا حدود واتحاد الاطباء العرب و وكالة التعاون الدولي "تيكا" التركية، وقبل الجميع الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني ورجال الاعمال اليمنيين.
ولعل اخطر ما في المؤتمر انه كشف عن اغلاق نسبة كبيرة من المراكز المتخصصة بالفشل الكلوي بسبب الحرب، مما ادى الى تسجيل نسبة وفيات مرتفعة من مرضى الفشل الكلوي بلغت 25% من الاجمالي العام للمرضى في اليمن،، وذلك يعني وفاة 1250 مواطن في عدن فقط التي بلغ عدد المرضى فيها 5000 مريض.