القتل موضوع تنحرف تحت عنوانه كثير من الاقلام بينماتتحاشاه اغلبها ، وما سأورده هنا ليس سوى توصيفا دقيقا وموجزا لرؤية الشرع في هذا الامر كونه حديث الناس الحاضر في ايامه هذه ايام حصاد الارواح التي تحصدها الحرب المستعرة هنا وهناك فالقتل عنوان الحروب الابرز ونتاج حصادها الاوفر .
.
ما حدث من صراعات بينية في صدر الاسلام تركت بصماتها السيئة على مفهوم القتل المشروع وذلك في مخيلة الكثير من رجال الدين ممزوجا ذلك بميول الكثير منهم تبعا لاهواء النفس اونزعة انتماء عنصري معززين ذلك بتبني اغلبهم لفكرة خاطئة تتمثل بجواز قتل الانسان بعلة كفره والتي تعد منبعا لغالبية الكوارث ومصدرا للشر لم ينحصر جرمه بقتل الكافر فحسب بل طاول رقاب المسلمين واوغل فيها وذلك من خلال تكفير المسلم اولا ثم جواز قتله استناد الى هذا المفهوم الخاطئ واستنهالا من ذلك المنهل الرديئ .
هذه الاسباب مجتمعة ادت الى التباس الامر على خاصة المسلمين ناهيك عن عامتهم وذلك بعدم التفريق بين القتل المشروع واللامشروع في الاسلام وقادتهم الى الانحراف عما امر الله به ورسوله في هذا الباب الذي قضت فيه حقيقة اوامرهم الصارمة بانه فيما عدا حالات الدفاع الإجبارية فإن ابواب القتل المشروع في الاسلام محدودة جدا وضيقة.
لانه اذا ما استبعدنا هذا المفهوم الخاطئ نستطيع القول بان ابواب القتل تكاد ان تكون مغلقة امام غالبية ما يحدث من قتل و يشرعن له دينيا نشير هنا بالخصوص إلى ما يحدث منها هذه الايام في سوريا واليمن والعراق كونها البلدان الاسلامية الاوسع حصادا للارواح .
نعم الدفاع عن الحرمات واجب مكفول ومقدس في كل الاديان والاعراف والقتال من اجل الوطن والدفاع عنه اوجب الواجبات لكن ينبغي الحذر هنا فحينما تكون السلطة هدفا ينال بإزهاق الانفس بقتال تحت راية حقيقتها عنصرية مناطقية او عرقية وكذلك عنصرية مذهبية او سياسية اوغيرها من العنصريات بل احيانا تحت راية فرد بعينه حينها لا تمثل تلك الرايات سوى اصنام وقرابينها تلك الارواح التي تزهق من اجلها وتحت رايتها .
اذن كون الامر متعلق بنية الفرد اصبح واضحا ان هذا القول فيه عام ومطلق ووحده الخالق عز وجل من بمقدوره تخصيصه والحاقه بهذا الطرف او ذاك لانه فقط من يعلم مافي صدور عباده ونياتهم .
.
بهذا المعنى تكثر الاصنام التي تزهق الارواح لاجلها وتتعدد بينما شيئ واحد ثابت ومحكم في كل شرائع السماء وهو حرمة القتل إلا بحق ، لكن وللاسف ان هذا الحق هو ما يتخبط حوله الجاهلون ويزيغ عنه الهالكون من دعاة القتل ومشرعنيه رغم ان القتل أعظم الذنوب إثما عند الله و اصرمها عقوبة وأكثرها وضوحا وتبيانا في دين الاسلام وشريعته السمحة نكتفي هنا بالتذكير بالآية الكريمة ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما ) وكذلك الحديث المشهور ( لان تهدم الكعبة ...... الخ ) الحديث واضح في مدى تشدده في وجه سفك الدماء والاية اكثر صرامة فقد ذكرة اربعة اصناف من ضروب العذاب ينتظر سافكي الدماء وعليه فانه احد ما لاينبغي له ان يحمل شريعة الاسلام نتيجة الفهم المنحرف لبعض ابنائه ويعزي اليه جرم التسبب باراقة الدماء الحاصل في اي وقت من الاوقات منذ شروق الاسلام الى غروب الحياة الدنيا .
ما يثير الدهشة هنا ان المسلمون في حين يستقر اجماعهم على حكم قاتل نفسه لكنهم في الوقت نسفه يظهرون للعالم ابشع صور إختلافهم واشنعها في حكم من ازهق نفس غيره .
ألم يكن احرى بكل مشرعن للقتل ان يتأمل صرامة الشرع في حكم قاتل نفسه ويجعل منها قاعدة يقيس عليها حكما لقاتل نفس غيره كي يهتدي بذلك في متاهة الإختلافات ليميز بين القتل المشروع واللامشروع ،
فقاتل نفسه في النار لان روحه التي ازهقها ليست ملكه بل ملك خالقها الذي اودعها امانة في جسده ومن البديهي ان الحال هو كذلك مع قاتل غيره بل ابلغ إثما واشد عقوبة واوسع جرما كونه ازهق نفس غيره .
.
اليس بهذا التوصيف الموجز للرؤية الشرعية الصافية تبرز سماحة الاسلام من خلال حصر ابواب القتل وتضييقها وصرامة عقوبته وتعظيم جرمه ومن هنا تاتي الدعوة لكل من يشارك او يساهم في القتل اللامشروع وإزهاق الارواح بطريقة او باخرى لاسيما المشرعنين له وعليه يكون لزاما على كل إمرئ اعادة النظر بالامر والتفكير الف مرة في الدور الذي يقوم به تحت عنوان القتل ، ربما كان كافيا في هذا الامر لو ان احدهم استفتى قلبة وعقله في ذلك لكن بعد التخلص من قيود نزعاته العنصرية واثقال تبوعيته الجاهلية فقد يهديانه للخروج من متاهات فتن القتل وأشراك مشرعنيه .
فوحده الإنسان سيحاسب امام خالقه في ظل عدالة قدسية الاحكام و الميزان ، حينها يتخلى عنه كل صنم قاتل و قتل لاجله او تحت رايته .