بينماك يُظهر الغزو الروسي لأوكرانيا مشهداً تناثرت فيه أوراق الصراع والطرفان المتحاربان آخذان بخسارتها معاً شيئاً فشيئاً لا يتبادى الغرب في الصورة إلا ظلاً لكنه ظل المتحكم بتلك الأوراق بداية من حيلولته دون حصول إتفاقاً مسبقاً يجنب البلدين الإصطدام المسلح مروراً بإغراء الدب الروسي بالطعم الأوكراني وصولاً إلى إيقاعه في الأشراك وإظهاره كدب غبي يملك القوة ولا يحسن الإستفادة منها في الوقت الذي يجني الغرب مكاسب تلك الأوراق في هذا الصراع غير أن الطوفان البشري المتدفق من أوكرانيا نحو الغرب يمثل الورقة التي بمقدور الممعن للنظر إستشراف الخسارة الغربية المنتظرة من خلالها فوفقاً للمعطيات التي إفترضها الغرب نفسه توقع صراعاً طويل الأمد هذا بالطبع ما يأمله ويكثف جهوده لتوجيه الأمور في هذا المسار وبالتالي فقد توقع أن يتدفق إلى أراضيه ما بين سبعة الى عشرة ملايين لاجئ أوكراني وهذا العدد مهول جداً وشديد الخطورة إذا تحول إلى خصم وهو ما سيحدث مستقبلاً عندما تتفسخ سحابة الدعم الغربي ويَخْلُص الأوكران إلى حقيقة مروعة مفادها أن الغرب لم يقدمهم كطعم مؤقت للدب الروسي بهدف إيقاعه في الشراك ثم المسارعة لتخليصهم من بين أنيابه بأقل الضرر بل قدمهم كطعم خانق طعم أُريد له المكوث طويلاً بين أسنانه وبالتالي كان على الدب أن يظل يلوكه تمزيقاً وإيلاماً حتى اذا اضطر لبلعه اختنق به لينهار حينئذٍ ممكناً الغرب من سحقه بسهوله الغرب الذي سيتضح للأوكران وقتئذ أيضاً أنه لم يكن مكترثاً بمئآلات الدولة الأوكرانية أرضاً وإنساناً
بعد أن يتأكد الجميع من انهيار الدب الروسي ويستيقن الأوكران أن بلادهم لن تكون صالحة للعيش مجدداً ولا للزراعة بسبب استخدام الروس لأسلحة الدمار الشامل التي تزداد مبرراتها بتوالى إرهاصات الإخفاق الروسي وبوادر الفشل لسلاحه التقليدي حينئذٍ يفجر الأوكران مظلوميتهم علناً في وجه الغرب ملقين بمسؤوليتها على عاتقه مطالبين بالتعويض وبالوطن البديل إنفجار لن يلقي له الغرب بال لوقوعه خارج حدود الناتو لكن لهذا الإنفجار صدى سيتردد في قلب أوروبا ويتفاعل معه اللاجئون الأوكران حينها ينفجرون كقنبلة زنتها أنذاك على أقل تقدير عشرة ملايين نسمة يتبنون نفس المظلومية ونفس المطلب وهو الإنفجار الذي سيوأرق مضاجع الغرب كونه إنفجار داخلي نترك التحليل لنتائجها وكيف سيتعامل الغرب معها للزمن