فاجعة مأرب .. المصائب من حيث الأمان . لا يمكن النظر الى ما حدث في مارب من مجزرة بشعة إلا بأنها إصرار حوثي على منازلة نهائية .. بمعنى أن الحديث عن السلام بالنسبة لهم يجب أن يتم في خط مستقيم ينتهي إلى الاعتراف بانقلابهم ، وإلا فإنه لا سلام لا يحقق لهم هذا الخيار .
على هذا النحو يمكن قراءة هذا الحدث الذي ضرب عمق نقطة الارتكاز التي لطالما حلم بها الجميع كرافعة لاستعادة الدولة المصادرة . وهو حدث يحمل ، بلا شك، أكثر من دلالة على أن مشروع استعادة الدولة من أيدي الحوثيين وحلفائهم الايرانيين يواجه تحديات حقيقية لم يعد بالامكان تأجيل مواجهتها إلى حين ميسرة .
في تقديري أنه فيما يخص مواجهة وهزيمة المشروع الحوثي -الايراني ، فإن الأمر لا يتوقف على القوة في صورتها المادية المكرسة لهذا الغرض ، وإنما بما تحتويه من "روح" ، كما هو حال "القوة" في كل زمان ومكان . فالقوة هي حاصل جمع جملة من العناصر التي يقف في طليعتها : الإيمان بالهدف والتمسك به ، القدرة على التعبئة من أحل تحقيقه ، التوسيع المستمر لمساحة قياس ميدان المعركة سياسياً وعسكريا واعلاميا كي تكون إدارتها ممكنة .
فقد قالوا قديماً " ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته" .
إن أشد عناوين هذا المعطى الجديد قتامة هو شعور الناس بقدرة الحوثيين على ضرب أهدافهم بسهولة في أي مكان وفي أي وقت . وبغض النظر عما يخلفه ذلك من سخط رسمي وشعبي فإنه في المجرى العام لتمسكهم بخيار الحرب يضعهم في مكانة مرموقة في الوعي المشدود إلى القوة لمجتمع لم يغادر ثقافة القوة . وما لم يتحول ذلك السخط إلى قوة ردع حقيقية فإن إعادة إنتاجه بالنواح والشكوى لن يفضي سوى إلى تكريس "رذيلة" الحرب ضداً على "فضيلة" السلام .
ضرب مارب ، على هذا النحو ، سيتواصل كهدف يبغي الحوثيون من ورائه كسر حلقات ومراكز المقاومة تماما مثلما يحدث في الضالع من حرب استنزاف ، وكل ذلك يصب في خانة التيئيس التي أخذت رقعتها تتسع منذ "عام الحديدة" .