لا يمكن اعتبار، عدم صرف رواتب موظفي مكاتب التربية والتعليم في مديرتي "خنفر وزنجبار" بمحافظة أبين، ولشهرين متتالين، إلا استهتارا حقيقيا بمعاناة أكثر من " 10 آلاف" معلما ومعلمة، وتعدٍ صارخٍ للحقوق الانسانية والاخلاقية المتعارف عليها، شرعا وقانونا، وجرما ينبغي تقديم المتسببين فيه للمسائلة، ونزع الثقة عنهم كأقل ما يمكن فعله تجاه من استرعوهم المسؤولية والأمانة.
"70" يوما مرت وربما أكثر من ذلك، والمنتسبين لمكاتب التربية والتعليم في المديرتين، يعانون "الآمرين"، تطحنهم ظروف الحياة الصعبة، وتكتم انفاسهم مشاكل وهموم "لا حصر" لها، وتستبيح بيوتهم ، وأماكن عيشهم ومبيتهم "الموجعات" الثقال، يعيشون أقصى واقسى حالات التشظي، وكأن "6" اعوام من الألم وغياب الأمن وتردي الخدمات والنزوح وتدمير المساكن وضياع الممتلكات والأموال، غير كافية حتى يتم اجترار ذلك إلى ما هو أسوأ وأنكأ ، وكيف لاء ؟ طالما والأمر متعلق بالمعاش، وقديما قالوا ( قطع الرأس ولا قطع المعاش).
ندرك ان كل "قفل" سوف يفتح، وأن كل قيد، سوف ينكسر، وإن للشدة أو المصيبة، عمرا كعمر الإنسان لا يتعداه، لكن أن تبقى مصائر هؤلاء " المعلمين" خاضعة لنزوة بعض المسؤولين "المرتزقة" وافعال الشواذ منهم، فذاك أمر غير مقبول ولا معقول، وينبغي عدم السكوت عليه، خصوصا والأمر متعلق بحياة ومعيشة الالاف من الأسر، التي تعتمد بشكل كلي على ما يصرف لها من فتات، ما يسمونه اليوم معاشا شهريا.
لم يعد بمقدور الناس في أبين ، تحمل المزيد من المآسي والجراح، ولم يعد بوسعهم الصبر والاحتمال أكثر مما قد مر ومضى، وهو الأمر الذي ينبغي على المحافظ "الخضر السعيدي"، ومن قبله الحكومة اليمنية والرئيس "هادي"، أن يستوعبوه جيدا، على اعتبار ان الحسرات والندوب والعذابات التي تمر بها أبين، ليس في صالح الشرعية، وإن زيادة "الاحتقان"، في محافظة لا ينقصها الاحتقان أصلا ، سيدفع بالأمور إلى ما هو أسوأ وأفظع.
وأمام ما تقدم، فإن سرعة معالجة المشاكل العالقة، بالذات ما يتعلق منها بحياة المواطنين "مباشرة"، كالرواتب والكهرباء والمياه، باتت ضرورة حتمية لا تقبل التسويف والتمييع، وعلى مكتبي التربية والتعليم في المديريتين، والادارة العامة والمحافظ، أن يقوموا بدورهم، أو تقديم استقالاتهم عند اقرب بوابة مدرسة، على اعتبار ان المسؤولية "أمانة"، وعند ضياعها يغدو " الكرسي" عار وشنار على صاحبه وستلاحقه لعنات " الجوعى" في حياته ومماته.
من المهم ان يقوم المحافظ ، والحكومة ، والشرعية، والتحالف العربي، بتوفير ابسط مقومات الحياة للناس هناك، اروهم كهرباء لا تنطفئ.. ومياه لا تنقطع، وشوارع لا تلوث .. ورواتب لا تتأخر أو تتمطط ، اشعروهم بآدميتهم، وانهم مواطنون، مثلهم مثل باقي سكان المحافظات، افتحوا اذانكم ، واسمعوا صرخاتهم، وابعدوا صور الأنين عن بيوتهم، بعد ذلك ان أطل الارهاب بقرنيه، فكسروهما، اما الان والناس في عيش تعيس بئيس، وحياة نكدة "مرة" مقززة.. وخدمات غائبة .. وسلطة ضائعة.. ورواتب غائبة ..، وأنتم ترسلون الحمم فوق رؤوس السكان، فتأكدوا أن الارهاب سيطل بقرنيه.. بل بقرونه وأذنيه .. إذ ليس من حق الدولة المطالبة بالتي لها، الا اذا اعطت الذي عليها، وعدا ذلك قبض للريح وحصاد للهشيم.
الناس في أبين تصرخ وتستغيث، أطلقوا سراح رواتب الموظفين دون تأخير، وحاسبوا كل من تسبب في معاناة "الآف" الأسر، انصبوا لهم "مشانق" المسائلة القانونية، ولا تستحقروا دموع الأطفال وآهات النساء ودعوات الشيوخ وأنين المرضى، فقد تعود وبالا وحربا عليكم، وستلاحقكم دعواتهم، أينما ذهبتم وارتحلتم .. وكفى.