كوابيس من الجامعة

Wednesday 13 February 2019 3:03 pm
----------
  
دخلت الجامعة حينما كانت أبواب الحياة كلها مغلقة امامي ، كانت ملامح اديب ( اخي و رفيقي المخلص ) وذكرياته ترافقني كنت انظر للحياة بسخرية معتقدا بأنك قد تبذل وتتعب وتتعلم وتدرس وأخيرا ستموت مثلما مات اديب ولن يستطيع كل البشر أن يعملوا شيئا لإجلك ، فقد عجزت عن عمل أي شيء لإجل إعادة روح أديب لكي يكمل مشواره معنا ، صديقي سامح هو الآخر تركنى في ايام امتحانات القبول وأتذكر بأنني كنت لا احب فراقه اطلاقآ امتحنت قبول كلية الطب لإجله لكنه لم يبقى طويلا لإجلي ومات في حادث مؤسف في مديرية الشعيب .
دخلت الجامعة مُجبر بسبب نصائح اهلي وكلمات أمي حينما اتصلت عليا ودموعها تسابق كلماتها قالت: " عادل انتظرناك بكل فرح حتى كبرت والآن املنا في الله ثم بك قالوا رفضت تدخل الجامعة لا تخيب ضني فيك ليس لنا سواك بعد الله يا ولدي " جلست كلمات أمي ترن في أذني وكنت ادرك وانا في قمة القهر و الوجع والفقر بأنني مختلف عن البقية وإن عليا ان اصبر اكثر واجتهد اكثر وخصوصا وأن أبواب الحياة كلها مغلقة امامي فليس لي اخ مغترب أو موظف ولا أب ثري ولا قائد ركبة عشان أشد عضدي فيه واتوكئ به .
 كل ما كنت أملكه دعوات " أمي " ونصائح عمي مانع ودراهم قليله ، ودعم معنوي كبييييييييير!! ، ثروتي حينها لا تتجاوز ثلاثة الف ريال شهريا كانت فلوس المواصلات إلى الجامعة ، وأتذكر بأنني روحت مشي عدة مرات من خور مكسر إلى المعلا حينما كنت ادفع اجرة اي صديق يشاطرني الباص ، وكنت اعمل " يرجى الاتصال " إلى صديقي المخلص سمحان من اجل أن تمر طريقي بسرعة وكنت اخبره بأنني اريد أتمشى واننى مشتاق للحديث معه والحقيقة القبيلة ودفت بي وروحتني مشي يا صديقي فأرجو المعذرة كذبت عليك لانني كنت استحي منك وها انا اليوم قوي وأخبرتك الحقيقة امام الناس فسامحني ارجوك .
عمي كان لا يمل من السؤال عني وعن تفاصيل يوميات دراستي ورغم صعوبة تلك الايام إلا انه كان يخبرني بأننى مختلفون عن البقية وانه يجب أن نتحمّل ونصبر ولا ننظر إلى بقية الشباب لإن طريق التعليم متعب و شاق لكنه مثمر ولو بعد سنين ، عسكر و طاهر توئما روحي كنت كثيرا بهم ومعهم تجاوزت الكثير من الصعوبات كانوا زملاء و أصدقاء وأخوة افتخرت فيهم وعشت معهم اجمل لحظات العمر ، ورغم بعد المسافة الإ انهم ما زالوا الأقرب إلى روحي .
كنت اسمع كلمات عمي وأشاهد مفارقات عجيبة بيننا وبين الواقع الذي كنت أراه في أبناء المغتربين و الاثرياء وكنت اتمنى ان امتلك فلوس مثلهم وجوالات متطورة و رصيد ينقذني من يرجى الاتصال فقد أمطرت جوالات أصدقائي وحتى حبيبتي لم تسلم من يرجى الاتصال فقد أمطرت جوالها رسائل بغرض السؤال عليها وأخبارها بأنني مازلت أتذكرها ولو برسالة " يرجى " لكنني في الختام حمدت الله على كل شيء وأدركت بأنني كنت محظوظ بكل شيء فنار المعاناة تشعل فتيل الإبداع .
كانت سنين الدراسة قاسية لكنها ممتعة وخصوصا حينما تشعر بأنك شخص استثنائي ولديك طموح في تغير واقعك ومساعدة والدتك ومساندة والدك ورد الجميل لكل من شجعك او وقف معك لإجلهم كنت مختلف عن زملائي وكنت أتحمل أضعاف معاناتهم و سهرهم وجوعهم ، تحملت كثير أشياء واشتغلت كثير اعمال ، منها محرر صحيفة اليوم الاول و مراسل وموزع لحديث المدينة في عدن ، عانيت من رسوم الجامعة وكنت اعجز عن توفير أربعين الف ريال ، شاطرني الكثير شجعوني و وقفوا معي اكرموني بدعوات صادقة ونظرات إيجابية وكلمات راقية وابتسامات محبة وانا شاطرتهم كل شيء ومازلت فخورا بهم واحبهم جدا .
ربما هي المرة الاولى التي اكتب بقوة و صراحة وشجاعة ايضا ، لا اريد منكم شفقة ولا رحمة ولا كلمات دافئة ، كتبت من اجل ترك بصمة لكل من أرهقته الحياة ومزقته السبل وبعثرته الدنيا وقيدته الظروف انطلق إياك أن تتوقف بعد العسر يسر اقسم بالله أن بعد العسر يسر العلم سيرفع مكانتك و يقضي حاجاتك ويفتح لك أبواب كثيرة ، حياتك ستتغير إياك ان تهزم انطلق ، لا تشرح للناس حاجتك تسلح بالصبر و عزة النفس ثق بالله وتشبث بالعلم فوحده من يستطيع تغيير حياتك فالحمد لله انا فخور بكل شيء واحمد الله بكل وقت وحين فأحلام الامس تحققت اليوم .
*الصورة امام مبنى شؤون الطلاب وقت استلام شهادتي تخصص لغة انجليزية المعدل جيد جدا .
#عادل_حمران