كم يحز في نفسي ويشعرني بالحسرة والألم وأنا، كإنسان معاق، أتحرك على كرسي آلي، عندما أتجه وأذهب إلى أي مرفق أو مؤسسة حكومية عامة ولا أجد ممراً خاصاً بي يساعدني على الدخول أو الخروج منها وإليها لأجراء واستكمال معاملتي ومهمتي التي تحملت العناء ومشقة السفر لإتمامها وإنجازها.
كم يؤثر فيّ ويؤلمني وكم تنتابني مشاعر الخجل والقهر النفسي وأنا متوقف ومنتظر في حرارة الشمس أمام البوابة، أراقب وأشاهد الداخلين والخارجين منها وإليها، وكأني أنسان من الدرجة الرابعة أو الخامسة، إن لم تكن النظرة أدنى من ذلك!.
كم تنتابني مشاعر الأسف والحزن؟ عندما أعجز وأحرم عن ممارسة أبسط وأقل حق من حقوقي القانونية والشرعية كمواطن.. عندما الدولة بمسؤوليها وهيئاتها ومؤسساتها تعجز وتفشل عن إزالة وتذليل أبسط عائق ومانع أمامي لأمارس حياتي الطبيعية كمعاق في المجتمع!.
والشيء الملفت هو أن هذا الأمر والعائق البسيط يمكن يخدم شريحة واسعة من المعاقين بإزالته، لا يكلف الدولة والمرافق الكثير مادياً، ولكن النظرة الدونية والتهميش والإهمال والتجاهل لقياداتها ومدرائها وأسلوب تفكيرهم ومشاعرهم تجاه هذه الشريحة يجعلهم لا يبالون ولا يحسون بحياة وكرامة مواطن وإن كان معاقاً!.
لا نخفي سراً إن قلنا بأن البعض منهم (أي المسؤولين) إذا رأوا معاقاً أمام بوابة المرفق يحمل ملفاً وأوراقاً لا يلتفتون إليه ولا يخطر ببالهم حتى مجرد السؤال عن هذا "المعاق" وما حاجته!، وما الذي أتى به إلى هذا المكان، بل يتهربون ويستعجلون من أمرهم حتى لا يراهم ذاك "المعاق" ويطلب منهم التوقيع أو النظر في معاملته وطلبه!.
متى سنرى العقلية تتغير وتتبدل في العقول والأفكار تجاه هؤلاء؟!، متى نراهم ينظرون إلى الكأس كاملاً ولا ينظروا إلى النصف الفارغ فقط، متى نجد في الحكومة المصداقية والنوايا الحسنة؟ لتنفيذ وإنفاذ الفقرات والمواد الجميلة في قوانينها وبرامجها, المعلبة والمركونة أصلاً في الأدراج فقط؟ متى نرى تحسين ظروف وأسباب نجاح مشروع ممارسة المعاق وإدماجه في الحياة العامة بالمجتمع؟، وما فائدة هذه التشريعات والقوانين، إذا لم أجد كمواطن أعاني من أعاقة، أيّاً كانت نوع الإعاقة، الوسيلة والطريقة المثلى للوصول وإيصال معاناتي ومشكلتي لأي جهة ومسؤول، صغيراً كان أو كبيراً، وممارستي للحياة العامة بشكل طبيعي كأي مواطن؟.
أتكلم وأصرخ كمعاق عن الصعوبات والعراقيل التي تقف في طريقي، بغض النظر عن قبول معاملتي وطلبي أو رفضه، فإذا تيسر وصادفك الحظ وقابلت من تريده فهذا متروك لضميره وإنسانية من تحقيقها، متروك لمفهوم ومنطق المحسوبية والمصلحة السائدة في واقعنا وتعاملنا في الكثير من مرافقنا وشخوصنا، للأسف، على أساس مبدأ تصنيف الناس أنهم مقامات ودرجات، والأقربون ثم الأقربون وأشياء وطرق أخرى، فما بالك عندما يكون معاقاً لا ترجى منه أي فائدة أو مصلحة، تخرجه عن أطار هذه الحسابات الفاسدة والحقائق الظالمة متناسياً أن هذا واجبه وعمله الذي يجب أن يؤديه لأي مواطن، وبغض النظر عن لونه وجنسه وشكله..
لهذا عندما تقسو الوقائع على كآهلي ويزداد وجعها على نفسي يشطح بي الخيال أحياناً بعيداً لأقارن واقعنا على ما أراه وأسمع به، مع ما يحصل ويلاقيه المعاق في الدول العربية وليس الأجنبية من فرص وامتيازات ورقي وحسن تعامل، حينها يحظرني ألف سؤال وسؤال؟ متى؟ وكيف؟ وإلى آخر؟..
وفي نهاية المطاف وأنا بين حيرة وشك، أجد نفسي تقول لي لا تتعب حالك وتتعبني مّعك، ما دام لا يوجد لك ممر تمشي عليه كمعاق في بلدك، فالمقارنة صعبة وغير متكافئة. والفوارق كبيرة وشاسعة بينك وبينهم يا ولدي !