آخر قطعة ثياب غسلتها أمي بيدها

Thursday 08 October 2020 9:06 pm
----------
مع آخر قطعة ثياب غسلتها أمي بيدها. تمر الأيام وأنا محتفظ بهذه الفنيلة خلافًا عن غيرها، أفتح الكيس وأشمها ثم أترك سبيلها، أنفضها في الهواء ولا شيء سوى الغبار "وذري المشاقر  يسقط منها. أغطي بها وجهي وقت الضيق وكأنها وثيقة ثمينة تركها  نبي لأبناء ملته.
 قد تكون الرائحة مزعجة للبعض، لكنها محببة بشكل كبير بالنسبة لي الآن. رائحة " الغنم والهرد الأصفر". مامنعني من لبسها :العلامة الواضحة المطبوعة عند الكتف!! بقعة صفراء لأصابع يد تأكدت أنها أصابع أمي لأني رأيتها قبل أن أسافر تضع الثياب بالكيس ووجها مخضب بالكركم الأصفر.
لو كنت بالقرية ورأيت تلك العلامة كنت سأرفع صوتي، وسأغضب ككل مرة. والآن أهب الموقف غلافًا إشتياقيًا حزينا فأبدو بصورة مثالية مغايرة لواقعها الأصلي. كم نبدو أنقياء بحضرة الغياب، نتدثر بلباس الملائكة ونرفل بالشيطان بعيدا.
رائحتك يا أماه بوصلة توجهني كما تشائين، مثل ما تريدين أن أكون. لكني عاق تجاهك وتجاه نفسي، سامحيني يا أماه أنا كاذب معكِ! أقول اني أصلي كل الفروض إلا أني مهمل لبعضها، حتى أنتِ يا أمي لم أحادثك منذ أسبوع، منذ أخبرتيني أن أبي يهذي كثيرًا ولا ينام. قلت لك ساعتها: لا تلقميه حبته المعتادة دعيه يتحدث مع الغيب، اتركيه يناجي زمانه لعله فقد شيء ما. وانقطع  الاتصال بيننا! قطعت الكلام وتركتك يا أماه غير آبه بك...