كنت العيد، فكيف هو من دونك ؟

Saturday 09 July 2022 10:32 am
----------

كنتِ العيدِ، فكيف هو من دونك؟

كنتِ فرحته، وابتسامته، والبهجة المزدحمة على جنباته، والسرور المنبعث في أطيافه!

 فكيف يكون العيد هذه المرة يا أماه وقد غاب طيفك الرقيق عن عالمنا؟!

 ألن نسمع صوتك العذب الذي كان أجمل نغمة تتردد في جنبات منزلنا يوم العيد فتتراقص على أنغامها قلوبنا فرحا وأملا وأنت تنثرين دعواتك بالخير والسعادة لنا ولأبنائنا؟! 

أحقا أصبحت عاجزًا عن الارتماء في حضنك، وتقبيل يديك الحانيتين وجبينك الوضاء، كما كنت أفعل في كل عيد، فتغمرينني بقبلات الحب والحنان وتحضنيني كطفل صغير، تلثمين خدي بأنفاسك العطرة، وتسمعيني أطيب الكلام وأجمله؟!

هل فعلًا سنفتقد قبلات الحب الحنان ودعوات الخير والسعادة التي كنتي توزعينها ببذخ على أبنائك وأحفادك، وكل من له صلة بك؟! 

أتذكر يا أمي حين تقولين لي بلهجتك البدوية المحببة: (حيا بوي، حيا هلي، ماشي عاد معي أب ولا أم، فأنت بوي وأمي وأهلي كلهم ..)!

كيف لي يا وجع الروح، النظر إلى مكان جلوسك (سريرك) الذين احتضن جسدك سنوات طويلة وأهنأ بالعيد، كيف أستطيع المكوث في منزلِ كنت نوره وأساس البركة فيه دون أن تهزني الأشواق إليك.؟

أدرك أنه لم يعد بمقدوري العيش إلا على أنقاض ذكرياتك، واحتساء الدموع في حضرة غيابك، وهضم وجع الذكرى والحنين، كلما مر طيفك في خيالي، أو استذكرت نبرات صوتك الحانية،..

كل ما هو أمامي اليوم في العيد يذكرني بك، هداياك التي تكتنزينها لهذا اليوم و توزعينها على أحفادك، مرايتك ومشطك ومكحلتك التي تحرصين عليها حتى وأنت مستلقية على فراش مرضك، حتى الهواء الذي نتنفسه كان يحمل عطر أنفاسك !

بت يا أمي بفراقك كطفل صغير يكابد الآلام في زمن الفطام ! ولكنه رغم الغصة التي تخنق روحه والجرح الدامي الذي خلفه رحيلك في قلبه، (يتجلد، ويتصبر )؛ ليكون الرجل الذي ربيتيه بيديك وصنعتيه على عينيك! وليظل فخرك في حياتك وبعد مماتك!

ستظلين يا جنتي تعيشين في لب فؤادي.. ولن أنساك بإذن الله من دعواتي.

لك الجنة يا جنتي .. 

لك الرحمة يا فقيدة روحي .. 

اللهم إنها إن كانت عندي لاكرمتها وأسعدتها بما استطعت حتى ترضى .. وهي عندك الآن ربي وأنت أكرم وأرحم بها مني!