محمد العولقي : * موسيقار زمانه ...!!!

Monday 30 November -1 12:00 am
----------
 
 
*قليلون هم المفكرون الكرويون الذين أعادوا صياغة مفهوم كرة القدم كبعد فني تجاوزوا من خلاله الأفق الضيق لفيزياء الزمان والمكان ..!
* يقف في مقدمة هؤلاء القلة العازف الساحر (علي موسى) ، المبتكر الذي أضاف للعود الكروي وترا موسيقيا يطرب الأذن التي تعشق قبل العين أحيانا ..!
*كل مباراة في كرة القدم عند (علي موسى) كانت بمثابة حفلة موسيقية ، يقدم فيها لحنا جديدا شجيا بديعا يطرب له الجمهور والمعازيم على ملعب الشهيد الحبيشي بعدن ..!
* بدأ الجيل الجماهيري الجنوبي الذي عاش تلك الحقبة الفنية محظوظا حتى النخاع الشوكي ، عصرا يقطع تذكرة ليستمع الى آخر لحن كروي تعزفه قدما المدهش (علي موسى) على تراب ملعب (ا لحبيشي) ، ومساءا يندفع نفس الجمهور للاستمتاع بعظمة الموسيقار (أحمد قاسم) في حفلات (البادري )..
*يخالني أن الملعق (سالم بن شعيب) كان يقدم لنا وصلة موسيقية فنية رفيعة عندما يقول بصوته الكرواني : الكرة مع (علي موسى) ..وكأنه يقدم لنا  وللمستمعين عبر أثير اذاعة عدن تفاصيل موسيقى شعبية راقصة ، وأخرى كلاسيكية راقية وما بينهما من تنوع موسيقي خلاق لعازفها (علي موسى)  ..!
*الطريف أن الملعق السعودي الراحل (زاهد قدسي) كان أول (خليجي) يستمتع بموسيقى (علي موسى) ، عندما كان شاهدا على أول عرض فني للعازف (علي موسى) على ملعب (الملز) بالرياض ..
*وقتها وتحديدا في النصف الأول من ثمانينات القرن الفارط ، كان مهندس الوسط السعودي (فهد المصيبيح) يملأ سماء قارة آسيا فنا وابداعا ..
*وعندما حانت مواجهة (ديربي) الجوار بين اليمن الجنوبي والسعودية ، قدر لعازف (الشعلة ) أن يقدم للجمهور العريض في مدرجات ملعب (الملز) سيمفونية كروية ممتزجة بموسيقى شرقية راقية ، وهنا أقر (زاهد قدسي) وأعترف أن اللاعب (علي موسى) يعزف موسيقى وكأنه (مايسترو) في سيمفونية (تشايكوفيسكي) ..
*في كل مباراة تتعقد فيها الأحداث على فريق (الشعلة) ، يظهر الموسيقار (علي موسى) بلمحة فنية بارعة ليصنع الفارق خصوصا في المباريات المغلقة التي تلعب على التفاصيل الصغيرة ..!
*يستطيع (علي موسى) رسم حدود المرمى أمام المهاجمين ، نتاج ارشيفه الفني الغني بالحلول والمواويل ، فكم من مباراة تدخل فيها صانع الألعاب ليضع لمسته الموسيقية الساحرة على المشهد ، وكم هي المرات التي أظهر فيها هذا الفنان حدسا عاليا في التعاطي مع اللحظات العصبية لكل مباراة ..!
* وعندما يضع (علي موسى) لحنا لكل مباراة مع فريقه ، فأنه يظهر وكما لو أنه في دار (أوبرا) ، فهو المايسترو الذي يقود فرقته بهدوئه المعتاد ، ووقاره الرفيع في ضبط آلات فرقته العازفه بحسب مقتضيات (الجوقة) البرازيلية الصفراء..!
*أضفى (علي موسى) على كرة القدم الجنوبية تحديدا لمسة فنية غنية بالمؤثرات اللحنية ، فقد كان يمتلك قدرة مدهشة على التمرير الدقيق من مسافة تتعدى الأربعين مترا ، وعندما يهم بوضع لحنه المتفرد أمام المهاجم ، يبدو وكما لو أنه يتقن دوره في صناعة الهدايا الرفيعة بدقة من يدخل الخيط في سم الابرة ..!
*لكن هذا الموسيقار الكروي البارع تعرض للتنكيل في المنتخب الوطني ، وتعرض للتجاهل والتشويش الاعلامي من طرف المتعصبين للونين الأحمر والأخضر ..
* لو كتبت الاقدار وكان (علي موسى) مايسترو في فرقة التلال أو الوحدة لنصب نفسه بين رواد صانعي الالعاب بكل اقتدار ، و لحجز له مكانا ثابتا في نخبة المنتخب الوطني الأول ..
*كانت مشكلة (علي موسى) أنه موسيقار يعزف بالقدمين في فريق يبتعد عن شهرة ونفوذ القطبين (التلال والوحدة) ، ففريق (الشعلة) ليس في مستوى جماهيرية (القطبين) ، رغم أنه الفريق الجنوبي الوحيد الذي يلعب بأنفاس (السامبا) البرازيلية ..!
*فرض (علي موسى) فكرا مغايرا للاعب الوسط الثابت المهام ، فنذر طاقته الخلاقة وقدرته الفنية والبدنية لقيادة اللعب من الخلف ، والاستمتاع بليالي الانس في صناعة الأهداف ، فكان بارعا وهو يوزع هداياه و ألحانه على المهاجمين ..
*وجد (علي موسى) في توأمه الهداف المستحيل (محمد حسن عبدالله) شريكا في مشروع مراقصة الشباك ، فكان الأول يمرر بمكر و دهاء ، والثاني يسجل بسهولة من يتناول كوب من العصير في بوفية مفتوحة ..!
*أكرر أن انتماء (علي موسى) لفريق بلا وزن سياسي و جماهيري ظلمه كثيرا ، فلو أنه انتمى لأحد الغريمين التقليديين (التلال أو الوحدة ) لاطبقت شهرته الآفاق ، ولبقي وشما في تاريخ كرة القدم الجنوبية ، من الطراز الذي لا ينسى أبدا ..!
* ما رأيكم أن نحتفي ببطل الايثار ورمز المثالية في ملاعب الجنوب (علي موسى) والاعتراف بالجميل الذي أسداه لكرة القدم ، حين جعل منها باقة فنية وسيمفونية  رفيعة تعزفها قدما (موسيقار زمانه) المبدع صائغ اللحن الكروي (علي موسى)!؟