لا يخفى ويغيب على المتابع والمواطن العربي في الفترة الأخيرة, ما تشهده الكثير من الدول الخليجية والعربية, من غزلاً سياسيا وانفتاحاً غير معتادا, مع الكيان الاسرائيلي, عل كافة الاصعدة والمجالات,
حيث بدت الحوارات واللقاءات, التي كانت تدار وتجرى سابقاً, على استحياء وخلف الكواليس,
والغرف المغلقة بينهم, أصبحت ظاهرة وعلنية, وتنقل عبر الصوت والصورة, في حفاوة واستقبال لا نظير لهما, في اشارة واضحة ودلالة قاطعة, أن تغير المناخ الطبيعي في المنطقة العربية أخيراً, يرافقه تغيير مناخي سياسي قوي وجارف, يحمل تأثيراته وخطورته على المنظور القريب والبعيد,
وكما يبدو للمتابعين, أن غياب التنسيق وتوحيد الموقف العربي, جعل كثير من الدول تتصرف بصورة منفردة ومنعزلة عن الاجماع العربي في كثير من القضايا الهامة ومنها الصراع العربي الاسرائيلي, الذي كما يظهر على السطح, أنه فُتحت كل الابواب المغلقة, والخطوط الحمراء, في العلاقة العربية الأسرائيليه,
حيث تؤكد المؤشرات والدلائل, على ضعف وتخبط الموقف السياسي العربي, وحالة الارتهان والخذلان, الذي وصلا لهما, والانقسام والاستقطاب الاقليمي والدولي, وما شكله من تقديم التنازلات عن الثوابت والمبادي, دون مقابل وحافز لها, يشير ويؤكد الى أعادة كتابة تاريخ وتشكيل المنطقة, بعقد صفقات مدويه كصفقة القرن, كما يخطط وتعد لها مراكز القرار والنفوذ في امريكا,
أن سقوط النخب والانظمة العربية, في مستنقع التطبيع والخضوع وتخليها عن أم القضايا, قضية فلسطين وعاصمتها القدس, لن يجلب لهم إلا الخزي والعار من شعوبهم, وسيظل يلاحقهم
التاريخ الذي لن ينسى سقوطهم المريع, ومهما عملوا واقدموا عليه, لن ينالوا بزعمهم وضنهم, الرضاء والثناء من الاسرائيليين ورعاتهم في امريكا, وبأنهم الاصدقاء والحلفاء الاوفياء لهم, بل كل ما قدموا خدمة وتنازل, زادوا طمعاً وجشعاً, ولا يرضوا إلا ببسط نفوذهم التام والكامل, لكل مقدرات وامكانيات الوطن العربي, لا يعترفون ويفقهون إلا بلغة المصالح والسيطرة لهم أولا واخيراً,
وهكذا وصل الحال بقيادات العرب وحُكامه, يتساقطون واحد بعد الأخر, ويستسلمون ويذعنون لأسيادهم الجدد, الذي تنبى نبوءتهم يوما شاعر العرب والعروبية, أحمد مطر قائلاً :
نبوءة
أسمعوني قبْل أن تَفتَقدوني
يا جَماعَهْ
لَسْتُ كذّاباً 00
فما كانِ أبي حِزْبَاَ
ولا أُمّي إذاعَهْ
كُلُّ ما في الأمرِ
أنَّ العَبْدَ
صلّى مُنفْرداً بالأمسِ
في القُدسِ
ولكنَّ "الجَماعَهْ"
سيُصَلّونَ جَماعَهْ !
فلا غرابة أن وصل الاول الى القدس "الرئيس المصري انور السادات" وصلى وحيد منفردا, سيِصلون الجماعة, "حكام العرب" ويُصِلّون جمعا, وهذا ما توقعه الشاعر, ويدل عليه الواقع العربي الحالي !!