حينما أسس الأمريكي “مارك زوكربيرغ” عالمه الافتراضي facebook لم يكن يدرك أن صورة البروفايل والمنشورات وعدد اللايكات، ستكون معايير مفاضلة يعتمد عليها البعض في أداء مهامهم الرسمية والوظيفية؛ ولو علم بذلك حالياً لأعلن طرد ذاته من عالمه، والاعتذار للمشتركين.
الاستبعاد الإعلامي لإشباع رغبات مريضة، أصبح وسيلة وغاية القائمين على اللجنة الإعلامية للاتحاد اليمني العام لكرة القدم، الذي يفترض به كهيئة وطنية غير حكومية العمل على خلق معايير مهنية تحقق قدرا من مبادئ تكافؤ الفرص والمواطنة بين زملاء المهنة الذين يقع على عاتقهم تغطية أخبار فعاليات ونجاحات وإخفاقات ونكبات ونكسات هذا الاتحاد وغيره من الهيئات والمؤسسات والأفراد، من منطلق استقلالية أدوات ووسائل الإعلام، وابتعادها عن الهيمنة والانحراف تجاه تحقيق غايات غير سوية أو تصفية حسابات شخصية تفتقر للمسؤولية.
كلما اقترب موعد مونديالات الخليج، يشدّ زملاء الحرف الرياضي ـ إلا قليلا ـ مآزرهم ويوقظون أهاليهم للدعاء، ويبدأون رحلة البحث عن الشيخ أو فتاه المدلل حتى لو تطلب الأمر سفرهم من محافظة إلى أخرى وترددهم على الفنادق والمقايل، ويجتهدون في تغيير صور بروفايلاتهم في عالم مارك الافتراضي، ويتسابقون في كتابة منشورات المدح، وتجدهم لا يتورعون عن تسفيه بعضهم من خلال تدوين تعليقات تئن منها الكلمات، كل ذلك بهدف لفت نظر “صاحبهم”، الذي جعل من ذلك معياراً لاختيار المرافقين للبعثات الكروية، غير ذلك فحالة الاستبعاد تجلت في أكثر صورها قبحاً لإشباع وإرواء روح الانتقام من زملائه في مكان عمله السابق الذي أُخرج منه كنتيجة طبيعية ومتوقعة ليس بسبب الثورة فحسب، وإنما لتحويله ذلك المرفق إلى إقطاعية خاصة تقليداً لمن تبنوه، غير مدرك لحقيقة أن الزمان دول.
غير هذا تقع المسؤولية على الاتحاد العام لكرة القدم، لوضع حدٍّ لمثل هذه التشوهات في جسده، كما أنني أشفق على زملاء الحرف الرياضي، الذين قبلوا لأنفسهم هذه الدونية الرخيصة، وعطّلوا قدراتهم وطاقاتهم ليحصروا جهدهم في كيفية إرضاء هذا الفتى السادي على حساب أنفسهم وسمعتهم، لكن من يهن يسهل الهوان عليه.
من أشد صور امتهان الذات، والإساءة للكلمة أن يفاجأ بعض الزملاء بمقالات منشورة في الصحف مذيلة بأسمائهم، بعد أن جعلوا من ذواتهم أقلاما متحركة بيد صاحبهم. أمثال هؤلاء يسيئون للكلمة وللمهنة، أما أنفسهم فقد علقوها على حبال الإساءة وعلى رؤوس الأشهاد، ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمهم وصاحبهم بحجار الطهر والاعتداد بالنفس.