زبطة حرة : معاذ

Monday 30 November -1 12:00 am
----------

الحياة محطات، نسير فيها دون سابق معرفة ماذا تخبئ لنا أيامها، وفي أية محطة ينتظرنا النجاح أو الفشل، الفرح أو الحزن، وغيرها من ثنائيات الأضداد، لكننا نظل نمشي وبلا وجهة في أحيان كثيرة.
ينتمي للمحافظة الولادة بالنجوم الكروية ومشاهير السياسة والحكم، ولد على ترابها وهناك نشأ وترعرع، واشتد عوده.
من محافظته أخذ صفة مواجهة الخصم والتصدي له والوقوف في وجهه بكل شموخ وإباء، فوجد نفسه واقفا بين الخشبات الثلاث، ربما اختار ذلك بإرادته، أو لعله قدره دفعه دفعا، لكنه كان يكتب بداية الحلم الذي تشكل في ثناياه، قبل أن تحيطه شهادات المتابعين والنقاد وتوقعاتهم بمستقبل جميل ينتظره في محطة من محطات الحياة.
توقعوا له التألق والنجومية كنتيجة لما شاهدوه، لكنهم لم يكونوا - وهو معهم- يعلمون شيئا عن مكان وزمان تلك المحطة التي ستتجلى فيها نجوميته، لكنهم ربما توقعوا (حسان) المبتدأ والمنتهى بعد أن تألق في فئاته العمرية، لكن حلم عام 90 حمله كغيره من أبناء وطنه صوب المدينة المفتوحة (صنعاء) وهناك قدم أوراق اعتماده لناديها الكبير (الأهلي)، وبخطى واثقة وبزمن قياسي تجاوز مقاعد الاحتياط ليثبت أقدامه بين الشبكات الثلاث، لم تزحزحه السنوات ولا المواهب الأخرى التي تكلست فوق مقاعد الاحتياط، وبعضها اضطر لمغادرة النادي بحثا عن شباك أخرى يذود عنها، بعد أن فقد الأمل في ظل وجود (الأخطبوط).
طوال مسيرته الممتدة لأكثر من ربع قرن كان الأول في كل شيء، حتى في وفائه للأهلي، رغم الفرص التي مرت أمامه وكان لها أن تغير في مستواه المادي والحياتي، لكنه كذلك العاشق الذي لا يحب إلا واحدا، ويفني حياته مخلصا وفيا، حتى حين أراد أن يجرب ناديا آخر من باب التجريب ليس إلا، سرعان ما عاد لناديه مرددا ما الحب إلا للحبيب الأولِ.
تألقه ونجوميته لم تكن حكراً على البطولات المحلية، بل تجلت أكثر مع المنتخبات بفئاتها المختلفة، وفي المشاركات الخارجية مع الأندية.
ربع قرن من التألق، قرر أن يودعنا، ويطوي صفحته ليحفظها التاريخ للأجيال، لم تكن نجومية كروية فقط، بل سيرة حافلة بالأخلاق والقيم التي جسدها سلوكا وممارسة في مسيرته الكروية والعملية والحياتية.
معاذ عبدالخالق، يبحث عن حقه في تكريم مشرف يليق بمستوى ما قدمه طوال مسيرته الكروية الحافلة بالتألق والإنجازات، لكن يبدو أن ناديه مشغول بترتيبات للاعب آخر، إجمالي مبارياته معه لا تقترب من سجل معاذ، غير الإنجازات إذا ما أخذناها معيار مفاضلة، لكن الصحوبية القذرة تظل حاضرة بقوة في مناسبات كهذه.
معاذ، لا يتسول، هو لا يطالب إلا بحقه دون زيادة أو مجاملة لا يستحقها، حقه في مهرجان اعتزال يجسد تاريخه مع نادي الأهلي، الذي منحه كل شيء، ولم يبخل عليه قط، كما أنه لم يمارس ابتزازا من أي نوع لمجالس الإدارة والأجهزة الفنية والإدارية التي تعاقبت طوال مشواره.
أخلاقيا، على أهلي صنعاء أن يتحرر من الصحوبية كمعيار لتكريم نجومه، إذ إنه لا يوجد من يستحق إقامة مهرجان اعتزاله مقدماً على معاذ، بمعايير النجومية وسنوات العطاء ولغة أرقام الإنجازات والبطولات، وافتحوا سجلاتكم لتتأكدوا يقينا، ولتكتشفوا أنها مثقلة بربع قرن من النجومية أسها وأساسها (معاذ).

ماتش: