هموم نسوية في أروقة المحاكم

Thursday 01 October 2020 8:01 am
----------

لا يوجد مكان يضج بالمشاعر المختلطة ما بين خوف ودموع قهر وانكسار كالمحاكم، مأساة تعيشها الكثير من النساء المعيلات، وهن يناشدن العدالة أمام المحاكم، ويبحثن عن حقوقهن، بعد تعرضهن لأسوأ الانتهاكات، لسبب بسيط جداً وهو أن عقلية بعض الرجال لا تزال تنظر إلى المرأة على أنها "الجدار القصير" و "العنصر الأضعف" في المجتمع.

تأتي المرأة وحالتها النفسية سيئة للغاية لا تسمح لها حتى بأن تكتب عريضتها أو تستحي أن ترويها، وبعضهن لا يعرفن الكتابة، كما أن كثيراً من النساء يجهلن حقوقهن الزوجية ويحضرن بمفردهن دون أن يرافقهن أحد أقاربهن لمساندتهن، أروقة المحاكم تعج بالكثير من التفاصيل اليومية التي تعكس حجم معاناة النساء مع القضاء والتأخر والمماطلة للحصول على حقوقهن، وهذه المعاناة تتضاعف حينما تستغرق القضية أشهرا وربما سنوات، أو تتأخر لأسباب متعلقة بإضراب المحاكم أو الإجازات القضائية... إلخ.

تحصل كل امرأة تدخل المحكمة على رقم تسلسلي لتقييد قضيتها من خلال نافذة زجاجية تخبرها المختصة بتجهيز أوراقها وبمواعيد جلساتها، نساء أميات أشاهدهن يتخبطن في أروقة المحكمة بحثا عن الوجهة الصحيحة القليل منهن يحصلنا على المساعدة المجانية وأخريات يقعن فرسية لبعض المحاميين معدومي الضمير.

تصنف القضايا التي تتعلق بالمرأة في أروقة المحاكم إلى ثلاثة أصناف، أولها قضايا الأحوال الشخصية (فسخ الزواح، الخلع، نفقة) وهي الغالبة، ثم قضايا الحقوق المدنية والتي توازي قضايا الأحوال الشخصية (تقسيم تركة، فرز حصص)، وثالثا القضايا الجنائية وهي قليلة ولا تكاد تذكر.

تؤكد إحصائيات محكمة استئناف م/ عدن أن قضايا الأحوال الشخصية التي تكون فيها المرأة طرفا أساسيا، كقضايا (الخلع وفسخ الزواج والنفقة وتقسيم تركة) بلغت في العام1441هــ (1059) قضية نظرتها المحاكم الابتدائية.

ورغم الجهود المضنية التي يبذلها القضاة لحسم القضايا المرفوعة في أسرع وقت ممكن، إلا أن قلة عدد القضاة وزيادة عدد القضايا بواقع (1000) قضية في كل عام كأقل تقدير، من جهة أخرى بلغ معدل القضاة في المحاكم الابتدائية (27) قاضيا، بينما عدد قضايا الأحوال الشخصية المستأنفة سنوياً (189) وعدد الشُعب الشخصية الاستئنافية (2) وعدد القضاة (6)، وهذا العدد يحول دون الإسراع في البت في القضايا، لتصل مدة بعض القضايا إلى أشهر أو سنوات.

لا لقهر النساء.. تشعر الكثيرات من النساء أن قانون الأحوال الشخصية رقم (20) لسنة 1992م هو قانون مجحف ومنتهك لكرامة المرأة اليمنية، فهو يشتمل على مواد انتهكت ولا زالت تنتهك حقوق المرأة، حيث يمنع المرأة اليمنية من اصطحاب أبنائها أثناء السفر دون إذن مكتوب من الزوج، وهذا يشكل مأساة حقيقية، لاسيما بالنسبة للأمهات المطلقات اللاتي يتم منعنهن من السفر رفقة أبنائهن مهما كان الأمر طارئاً.

وهذا ما دفع الكثيرات من النساء للمطالبة بتعديل قانون الأحوال الشخصية وهو ضرورة ملحة كان يجب أن يتم منذ زمن طويل، لأن بموجبه تقضي سيدات كثيرات سنوات في المحاكم بسبب القوانين المتعلّقة بالحضانة والنفقة والخلع.